Worx - Worx | Logo
BETA
Worx - الحدس… ذاك الصوت الذي يعرفك أكثر مما تعرف نفسك

في لحظة ما، وأنت على وشك اتخاذ قرار، تشعر بشيء لا تستطيع أن تشرحه. لا دليل منطقي، لا معادلة رياضية، لا نصيحة من أحد. فقط "شعور" يقول لك: افعل… أو لا تفعل. شيء بداخلك يضيء فجأة، كأنه يعرف الطريق حتى لو لم ترَ بعد معالمه. هذا هو الحدس، ذاك الصوت العميق الذي لا يعلو، لكنه لا يخطئ حين تصغي إليه بصدق.

الكثيرون يظنون أن الحدس نوع من الهروب من المنطق، أو ضعف في التحليل. لكن الحقيقة أن الحدس ليس ضد العقل، بل امتدادٌ خفي له. هو مجموع خبراتنا وتجاربنا ومشاعرنا وفهمنا الخفي للأشياء، يتجلّى في لحظة واحدة كإشارة داخلية نقية، خالية من التردد. هو خلاصة أشياء كثيرة لم نقلها، ولم نحللها، لكنها خُزّنت في داخلنا، تنتظر اللحظة المناسبة لتتكلم.

ستيف جوبز، الرجل الذي غير وجه التكنولوجيا، قال ذات مرة:

"كان حدسي يعرف الطريق… حتى عندما لم أكن أعرفه بنفسي."
ولم يكن وحده. كثير من المبدعين، القادة، الفنانين، وحتى العابرين في دروب الحياة، اتخذوا قرارات عظيمة فقط لأن شيئًا ما في داخلهم قال: هذا هو الطريق.
متى كانت آخر مرة اتخذت فيها قرارًا بناءً على حدسك؟
متى شعرت أن شيئًا ما بداخلك يقودك، فاتبعتَه رغم أن المنطق قال العكس؟
ومتى خذلت نفسك… فقط لأنك لم تثق بهذا الإحساس الصامت؟
إنه لغة القلب عندما يعجز العقل عن الترجمة.
فهل مازلت تسمعه؟ 

لكن المشكلة أن ضجيج العالم اليوم صار عاليًا جدًا. منبهات، إشعارات، آراء الآخرين، الضغط، التوقعات، أصوات كثيرة حولنا تقول لنا ماذا نفعل، كيف نعيش، من نكون… ومع الوقت، بدأ صوتنا الداخلي يخفت. لم نعد نسمعه، أو نتجاهله، أو نخاف أن نصدقه. وكأننا فقدنا العلاقة مع أنفسنا.

دعني أسألك بصراحة:

الحدس لا يعطيك دائمًا الأسباب، لكنه يمنحك الصدق. هو ليس وعدًا بالنتائج، بل دعوة للانسجام مع ذاتك. وعندما تتجاهله، تشعر بشيء أشبه بالندم الغامض، كأنك خُنت شيئًا بداخلك، خُنت "نسختك الأصيلة" في لحظة ما.

نحن بحاجة إلى أن نعود لهذا الصوت. لا لنرفض المنطق، بل لنتوازن. لأن أجمل القرارات في الحياة ليست تلك التي كانت منطقية فقط، بل تلك التي شعرنا بها بكل كياننا، والتي بدت صحيحة حتى قبل أن نجد لها مبررًا.

استمع إلى نفسك في الصمت. في لحظة هدوء، بعيدًا عن التشويش. حين يهدأ كل شيء، حدسك سيتكلم. لا يصرخ، لا يُقنع، لكنه يهمس بما تعرفه عميقًا، وما تحتاج أن تتذكره.

الحدس ليس سحرًا، ولا وهمًا.




محادثة

0 تعليقات

مرحبًا بك في منطقة التعليقات! كن مهذبًا وابقَ في صلب الموضوع. قم بزيارة الشروط والأحكام الخاصة بنا واستمتع معنا!

Worx - Worx
لم تتم إضافة أي تعليقات بعد، كن الأول وابدأ المحادثة!

لم تتم إضافة أي تعليقات بعد، كن الأول وابدأ المحادثة!

المهارات في هذه المقالة
Worx © مجتمع ووركس - جميع الحقوق محفوظة
Worx